وحوش لا تعشق الجزء الثاني
الحلقة الثانية ...وحوش لا تعشق
اصابها الجنون بعد أن رأت والدها هكذه ولم تشعر كيف نهضت وصفعته على وجهه بكل قوتها حتى اصبحت عيناه كتله من الجحيم والصدمة .....
ضغط على اسنانه بقوة كادت أن تسحقها وبرزت عروق رقبته من الغضب الذي تملّكه بقوة ..ساد الصمت المكان بعد أن فعلت فاطمة هكذا وكأن كل شيء قد ذعر من نظرته لها ، بعد ثوانٍ كانت قوة من الشرطة تهجم على المكان بشكل مفاجئ وأمرهم فهد أن يأخذوا حداد وأشار بيده على مصطفى الساقط يئن من قدمه ونظراته على ابنته التي تقف أمام فهد بنظرات متحدية وكأنها تريد الثأر منه ،اتسعت عيناها برعب وهي ترى اباها بيد الشرطة بلا رحمة .....جذبها فهد من معصم يدها بعنف ولم يأبه لأعتراضها وبعض الخربشات التي الحقتها بيد ه بسبب اظافرها الحادة .....
اتت الام راكضة ويدها اليسري على خصرها بألم من قوة الدفعة واليد الأخرى بها حجاب فاطمة المُلقى بالداخل...
صاحت فاطمة بصريخ وهو يجرها للخارج وأمامهم عساكر الشرطة يزجوا حداد ومصطفى بداخل سيارة مصفحة ...
وقف ليضعها معهم بداخل السيارة بوجه قد اشتد احمراره ولكن توقف مفكرا وهي تتلوى بقبضته وتصرخ بأعتراض حتى لحقتهم الام بالخارج وتوسلت كي يتركها ولكن لم يكترث لأمرها ولم يشفق عليها ....قالت الام مترجية :-
_ بنتي عملت إيه ياباشا بس ، ابوس ايدك سيبها ، دي عندها امتحان بعد كام يوم ولازم تذاكر ...
فتح فهد باب سيارته الخاصة والقاها بها بعنف حتى كادت فاطمة أن تصطدم بالمقود بالداخل ،التفت للام حينما توسلت ببكاء أكثر وحاولت أن تحدث ابنتها لتعطيها الحجاب :-
_ انت زي ابني يابني ، ودي عيلة صغيرة ماعملتش حاجة ما تضيعش سمعتها ،كفاية ابوها
رمق فهد فاطمة بنظرة متوعدة غاضبة وصامته تتوعد بالكثير وشرر الغضب بداخله جعله اصم الأذن عن أي شفقة من حديث امها...القت امها الحجاب من خلال النافذة لكي تلتفح به ابنتها ثم عادت تُحادث فهد ولكن الأخر دخل سيارته وتحرك بها ....
القى نظرة جانبية للوجه الذي سمره للحظات ولكن الآن كان هذا الشعر الذي جعله بعالمًا آخر لثوانٍ قد اختفى خلف حجاب رأسها ...قالها بتوعد قبل أن يسير بإتجاه قسم الشرطة :-
_ هعرفك أزاي تمدي إيدك عليا ، هتكرهي اليوم اللي عملتي فيه كدا
مررت فاطمة يدها على رأسها حتى تتأكد أن شعرها بجميعه مخفي ثم اجابته بحدة لم تكن تشعر بها وذلك يتضح على رجفة اناملها ولكن لم تشعر بالغبطة مما فعلتها بل اسعدها أنها نالت من هذا المتعجرف الذي ادركت منذ دقيقتين خلت أنه ضابط شرطة ....قالت بقوة :-
_ اعمل اللي تعمله ، محدش يلمس ابويا واقف ساكته ، ولو عملت كدا تاني هضربك تاني ، انا مش ندمانة أني عملت كدا !!
حرك مقود سيارته بحركة عصبية شرسة وكاد أن يلقيها من خلال النافذة كي يهدأ غضبه المشتعل ولكن حالف الصمت بتوعد غاضب لم يمر على مناطق التعقل عبر فكره حتى قال من بين اسنانه بعنف :-
_ انا عارف هعمل إيه
بلعت ريقها بخوف حقيقي من توعده الذي اعلنه صوته الغاضب وشعرت ببعض الندم في إثارة غضبه ولكن دائمًا تمردها يؤدي بها إلى التهلكة ....
نظرت أمامها وهي مغمضة العينان تحاول أن تجد حلا لهذا المتغطرس وكأنه يملك زمام كل شيء حولها ، حاولت أن تطمئن نفسها ولم تستطع ، قالت بصوت الصمت المترجي بداخلها :-
_ يااااااارب
فتحت جفونها لتقع عيناها على مصحف وضع بقرب مسجل السيارة ولم تتردد كثيرا لتأخذه فهي متذكرة انها قبل أن تذهب للملهى قد أدت فرضها في الصلاة ...
أخذته سريعا ولم ينتبه لها لشدة ما يضرمه بداخله من غضب جعل فكره يثور ويشرد ....
بدأت في القراءة بصوتها الجميل التي كانت دائمًا بسببه من أوائل فريق الموسيقى في مدرستها الثانوية ...
انتبه لصوت يأسر القلوب حتى بدأت فاطمة رغما عنها تبكي ولم تستحي من البكاء الآن وهي تمسك كتاب الله وتقرأ اياته وقرأت سورة الرحمن .....
ارتبكت عيناه كثيرا وهو يضغط على المقود ورغما عنه انصت لقرائتها حتى انتهت وهي تترجى بداخلها أن يكون هذا الرجل قد هدأ قليلا من غضبه ....
لم يتفوه بحرف بل أكمل الطريق بنظرة ساخرة من سذاجتها أن ظنت أن تستطيع التحايل عليه وخداعه بهذه اللافته ، فكيف كانت بحلبة الرقص دون حجابها ؟
أين خوفها من الله وقتها ؟!
وقفت السيارة عند قسم الشرطة ،والسيارة المصفحة وقفت خلفهم ، حتى فعل فهد ما فعله أمام الملهى وجرها للداخل دون أي شفقة ولا رحمة منه بصغر سنها البريء ووجودها وسط هذا الكم الهائل من المجرمين ...
دفعها بغضب داخل المكتب ثم أمر بإحضار المُلقى القبض عليهم حتى اتى بهم العساكر بعد قليل والقوهم بداخل المكتب وكاد مصطفى أن ينكب على وجهه من قوة الدفعة حتى التقفته يد ابنته بلهفة وخوف وقالت له :-
_ ما تخافش يا بابا ربنا مش هيسيبنا
ثم وجهت نظرة للعسكري الذي يقف كالتمثال أمام باب المكتب وهتفت به :-
_ انت كمان اعمى ما بتشوفش ، مش شايف رجله مكسورة
هتف فهد بها :-
_ بت ، اخررررسي خااالص وما اسمعلكيش صوت
التفتت له فاطمة ونكثت عهدها مع نفسها بالهدوء واجابته بنفس حدته :-
_ احنا مش مجرمين عشان تعاملونا كدا ، اظن القانون مش بيديلك الحق تعامل الناس المحترمة كدا
رفع حاجبيه ازدراء وسخرية وهو يقترب منها بشكل خطر وقال :-
_ محترمين !!! ، اتنين مجرمين وبنت ما اتربتش واقفة في كباريه ، ونعمة الاحترام !
أشارت له بسبابتها بعصبية تعجب لها حداد وابوها في أنٍ واحد :-
_ لو ما لمتش لسانك هعمل فيك محضر حتى لو انت ظابط
نظر لها فهد بسخرية جعلتها تشتعل من الغيظ أكثر وقال موجها الحديث لأباها :-
_ هي البت دي طالعة من مستشفى المجانين ولا حاجة !
القى والدها عليها نظرة غاضبة وبادلته هي بتذمر وقالت له :-
_ عشان ضربت ابويا من غير ذنب
اقترب فهد من والدها وأخرج منه قطعة مغلفة من بودرة الهيروين ورفعها أمام ناظريها بنظراته الشرسة وقال :-
_ ده ذنبه ، ومش هتطلعي من هنا غير لما تترجيني اسامحك ، غير كدا انتوا التلاته. هتفضلوا في الحبس
شهقت وفغرت فمها من الذهول وهي ترى ما خرج من جيب والدها ونظرت له بعدم فهم وشعرت بخطر حقيقي احاط بها الآن ومن نظرات ذلك الشيطان الذي يتصرف بعجرفة بسبب منصبه ، فهمت أنها وقعت في ما لا يحمد عقباه.....
نطق مصطفى أخيرا بنبرة تتوسل وعيناه ذابت رجاء ورعب على ابنته :-
_ يا بيه انا مظلوم ، حداد هو اللي حطها في جيبي وهو اللي خرج فاطمة بنتي من جوا بالعافية ...
ابوس ايدك مشيها دي عندها امتحان بعد يومين ، ما عملتش حاجة يا بيه ،دخلني انا للحبس بس مشي بنتي ما تضيعش مستقبلها ...
تألمت فاطمة لنظرات والدها المنكسرة التي كانت تقودها للجنون والغضب من ذلك الفهد الاحمق حتى صرخت باكية :-
_ ما تتحايلش على حد يا بابا احنا مش شغالين عنده ، وانا همشي غصب عنه هو ما جابنيش هنا إلا لما ضربته بالقلم
ابتسم حداد في شماته ولمح ذلك فهد حتى صاح بعسكري الشرطة بالخارج أن يأخذهم من أمام ناظريه واتى العسكري سريعا ليدفعهم للخارج ولكن قبل أن يُخرج فاطمة قال بصياح :-
_ سيبها
استدارت فاطمة بقلق فهي كانت تستمد بعض القوة من وجود والدها فكيف بوجودها بمفردها في هذا المكان المغلق معه !! ، انتفضت برعشة خائفة وتمنت أن يقف لسانها عن الحديث فهي دائما متسرعة هكذا ولم تفكر قبل أن تتحدث...
اغلق فهد الباب بغضب ولكن لشيء آخر غير معلوم قد تملّكه عندما انتبه لحداد وهو يرمق فاطمة بنظرات متفرسة قبل أن يخرج من المكتب لذلك أراد خنقه بيده ولكن بأي سبب ؟!!
التفت لها وقال وهو يشير لقطعة الهيروين المغلفة على المكتب :-
_ انتي عارفة المخدرات دي انا مش هقول أني طلعتها من جيب ابوكي
تفرقت تجاعيد حاجبيها بسبب التقطيبة ولاحت ابتسامة على وجهها بأمل ...قالت وقد بدأ غضبها يتفتت :-
_ بجد ، والله العظيم بابا بريء
قاطعها بنظرة خبيثة وعيناه تسخر من انفعالها الطفولي :-
_ هقول لقيتها معاكي انتي
شهقت من الصدمة وجحظت عيناها وهي ترقبه بذهول حتى تابع وهو يجلس على مقعده خلف المكتب ووضع قدما على قدم :-
_ هوديكي في ستين داهية ما تقلقيش خالص ، وهعرفك انتي ضربتي القلم ده لمين بالضبط
تحدث بطريقة اقنعتها أنه سيفعل ذلك حتما حتى لفت يداها حولها وهي ترتجف وخارت قواها الآن وبدأ لمعات الدموع تنضج بعيناها ولكن اغلقت جفنها لكي لا تضعف
ثم ما لبثت أن قالت وعبراتها تملأ وجهها بعنف :-
_ ربنا ينتقم منك ، حسبي الله ونعم الوكيل
____________________________لا حول ولا قوة إلا بالله
تركتها كريمة الخادمة بعد أن هدأت قليلا ولكن مريم تظاهرت بالنعاس كي تربح الانفراد بنفسها وتخرج كريمة من غرفتها ....
كلما تذكرت ما قرأته تشعر بالغضب الغير مفهوم الذي أثار حفيظتها كلما شعرت به ! ثم انتبهت لصوت الهاتف بجوارها ، اجابت وهي تمسح دموع عيناها بأناملها البيضاء الرقيقة :-
_ ايوة يا رنيم
قلدتها رنيم بمرح ثم تسائلت بفضول :-
_ اكيد بتعيطي بسبب عيد ميلادك كالعادة !! ، كل سنة وانتي طيبة يا مرمورة
هتفت مريم وهي تزيل غطاء الفراش من عليها :-
_ لأ مش عشان كدا
واجهشت في البكاء مجددا مع تعجب رنيم ابنة صديقة ليالي "جميلة" قالت :-
_ معقول في حاجة اكتر من كدا بتعيطي عشانها ! ، دي اكبر مشاكلك دايما يا مريم
ارجعت مريم شعرها خلف اذنها ثم روت لها ما حدث مع آدم ، سألت رنيم بتعجب :-
_ طب وانتي مالك يا مريم ! ، اظن دي حاجة تخصه ، وكمان أنتي ما شوفتيهوش مع واحدة يعني للعياط ده كله ! ...
قررت مريم شيء ثم افصحت عنه لصديقتها منذ الطفولة رنيم بالرغم أن رنيم تكبرها عمرا بكثير :-
_ بقولك إيه انا كنت محتارة ادخل كلية إيه بعد ما اخلص الثانوية العامة بس دلوقتي قررت ...انا هدخل علوم
تلقت صوت رنيم بمكر وقالت :-
_ امممم ، اعتقد عشان تنتقمي من آدم وتمسكي عليه غلطة وكدا ..
عقدت مريم حاجبيها وعجزت فعليا عن الاجابة التي لم تتضح حروفها للآن ..قالت لمجاراه الحديث:-
_ لأ مش أوي كدا ، بس عشان اثبتله أني ممكن اعمل أي حاجة ، وأني مش اقل منه
ضحكت رنيم بصوتٍ عالٍ واوضحت بصدق :-
_ انتي مش مضطرة تثبتيله أي حاجة
تحججت مريم بثقل جفونها وانهت الاتصال مع رنيم الساخرة منها حتى سبح فكرها في قرارها المفاجئ وقالت :-
_ آخر امتحان بعد يومين وأن شاء الله اخلص المادة دي على خير زي اللي قبلها ..
بعد مضي ساعة كانت غطت في ثباتٍ عميق نال من فكرها واغفاه حتى شعرت بشيء ناعم يمر على بشرة وجهها برفق ، اعلنت جفونها الشروق وهي تفتحها رويدا ثم نهضت سريعا وارتمت بين ذراعي والدها ...قالت بابتسامة ملومة :-
_ وحشتني اوووي يا بابا
ربت عمر على كتف مدللته الصغيرة بحنان فائق ثم ضمها بقوة وقال :-
_ وانتي اكتر يا حبيبة بابا ، انا عرفت اللي حصل من ماما
ابتعدت مريم بتوجس وقلق وشعرت بالخجل من معرفة والدها ما حدث مع آدم حتى ساوى عمر اشعاث شعرها بيده وقال :-
_ ماما قالتلي أنك عيطتي عشان عيد الميلاد
تنهدت مريم براحة فهو لم يلمح لآدم إذن لم يصله ما حدث ، قالت بضيق :-
_ خلاص اتعودت على كدا ، اعيط شوية في اليوم ده واليوم يعدي
رفع عمر وجهها بيده كي تنظر له بعيناها التي تشبه عيناه كثيرا وقال بابتسامة حانية برزت وجهه الذي اصبح أكثر نضجا وخالط شعره بعض الشيب ...رد بلطف وهو يشير للدمية ذات الفرو الناعم الذي ابتاعها خصيصا لها .. :-
_ محدش ناسيكي يا حبيبتي ، بس اليوم ده ماحدش بيحب يفتكره ، بس بابا بقى حاجة تانية
أخذت الدمية وضمتها بابتسامة ثم نهض عمر وفتح الصندوق الكرتوني الكبير وأخرج منه رداء جميل محتشم ،قال بحماس :-
_ جبتلك الفستان ده ، البسيه عشان هنطلع نتفسح بس مش هنتأخر عشان وراكي امتحان ولازم تنامي بدري
اتسعت عيناها ثم صاحت بضحكة عالية وهي ترى الرداء وكادت أن تتعثر بعد أن نهضت واتجهت لوالدها حتى كانت يده يد العون التي لحقتها من السقوط ....جذبها اليه بألم من عجز قدمها وتظاهر بالمرح كي لا تتألم هي أكثر ....
هتف بحماس ومرح :-
_ هستناكي برا ، بسرعة قبل ما امك تشوفنا وتقبض علينا
وضعت يدها على فمها تكتم ضحكتها ثم ضمت الرداء بسعادة ...
خرج عمر من غرفة ابنته وذهب لغرفته ليجد ليالي تنتظره بلهفة ...تساءلت :-
_ صالحتها ؟ ، هي بتحبك انت اللي تصالحها
قبل رأس زوجته الحبيبة بنظرة عميقة وقال بهدوء :-
_ متخافيش صالحتها وهطل
اصابها الجنون بعد أن رأت والدها هكذه ولم تشعر كيف نهضت وصفعته على وجهه بكل قوتها حتى اصبحت عيناه كتله من الجحيم والصدمة .....
ضغط على اسنانه بقوة كادت أن تسحقها وبرزت عروق رقبته من الغضب الذي تملّكه بقوة ..ساد الصمت المكان بعد أن فعلت فاطمة هكذا وكأن كل شيء قد ذعر من نظرته لها ، بعد ثوانٍ كانت قوة من الشرطة تهجم على المكان بشكل مفاجئ وأمرهم فهد أن يأخذوا حداد وأشار بيده على مصطفى الساقط يئن من قدمه ونظراته على ابنته التي تقف أمام فهد بنظرات متحدية وكأنها تريد الثأر منه ،اتسعت عيناها برعب وهي ترى اباها بيد الشرطة بلا رحمة .....جذبها فهد من معصم يدها بعنف ولم يأبه لأعتراضها وبعض الخربشات التي الحقتها بيد ه بسبب اظافرها الحادة .....
اتت الام راكضة ويدها اليسري على خصرها بألم من قوة الدفعة واليد الأخرى بها حجاب فاطمة المُلقى بالداخل...
صاحت فاطمة بصريخ وهو يجرها للخارج وأمامهم عساكر الشرطة يزجوا حداد ومصطفى بداخل سيارة مصفحة ...
وقف ليضعها معهم بداخل السيارة بوجه قد اشتد احمراره ولكن توقف مفكرا وهي تتلوى بقبضته وتصرخ بأعتراض حتى لحقتهم الام بالخارج وتوسلت كي يتركها ولكن لم يكترث لأمرها ولم يشفق عليها ....قالت الام مترجية :-
_ بنتي عملت إيه ياباشا بس ، ابوس ايدك سيبها ، دي عندها امتحان بعد كام يوم ولازم تذاكر ...
فتح فهد باب سيارته الخاصة والقاها بها بعنف حتى كادت فاطمة أن تصطدم بالمقود بالداخل ،التفت للام حينما توسلت ببكاء أكثر وحاولت أن تحدث ابنتها لتعطيها الحجاب :-
_ انت زي ابني يابني ، ودي عيلة صغيرة ماعملتش حاجة ما تضيعش سمعتها ،كفاية ابوها
رمق فهد فاطمة بنظرة متوعدة غاضبة وصامته تتوعد بالكثير وشرر الغضب بداخله جعله اصم الأذن عن أي شفقة من حديث امها...القت امها الحجاب من خلال النافذة لكي تلتفح به ابنتها ثم عادت تُحادث فهد ولكن الأخر دخل سيارته وتحرك بها ....
القى نظرة جانبية للوجه الذي سمره للحظات ولكن الآن كان هذا الشعر الذي جعله بعالمًا آخر لثوانٍ قد اختفى خلف حجاب رأسها ...قالها بتوعد قبل أن يسير بإتجاه قسم الشرطة :-
_ هعرفك أزاي تمدي إيدك عليا ، هتكرهي اليوم اللي عملتي فيه كدا
مررت فاطمة يدها على رأسها حتى تتأكد أن شعرها بجميعه مخفي ثم اجابته بحدة لم تكن تشعر بها وذلك يتضح على رجفة اناملها ولكن لم تشعر بالغبطة مما فعلتها بل اسعدها أنها نالت من هذا المتعجرف الذي ادركت منذ دقيقتين خلت أنه ضابط شرطة ....قالت بقوة :-
_ اعمل اللي تعمله ، محدش يلمس ابويا واقف ساكته ، ولو عملت كدا تاني هضربك تاني ، انا مش ندمانة أني عملت كدا !!
حرك مقود سيارته بحركة عصبية شرسة وكاد أن يلقيها من خلال النافذة كي يهدأ غضبه المشتعل ولكن حالف الصمت بتوعد غاضب لم يمر على مناطق التعقل عبر فكره حتى قال من بين اسنانه بعنف :-
_ انا عارف هعمل إيه
بلعت ريقها بخوف حقيقي من توعده الذي اعلنه صوته الغاضب وشعرت ببعض الندم في إثارة غضبه ولكن دائمًا تمردها يؤدي بها إلى التهلكة ....
نظرت أمامها وهي مغمضة العينان تحاول أن تجد حلا لهذا المتغطرس وكأنه يملك زمام كل شيء حولها ، حاولت أن تطمئن نفسها ولم تستطع ، قالت بصوت الصمت المترجي بداخلها :-
_ يااااااارب
فتحت جفونها لتقع عيناها على مصحف وضع بقرب مسجل السيارة ولم تتردد كثيرا لتأخذه فهي متذكرة انها قبل أن تذهب للملهى قد أدت فرضها في الصلاة ...
أخذته سريعا ولم ينتبه لها لشدة ما يضرمه بداخله من غضب جعل فكره يثور ويشرد ....
بدأت في القراءة بصوتها الجميل التي كانت دائمًا بسببه من أوائل فريق الموسيقى في مدرستها الثانوية ...
انتبه لصوت يأسر القلوب حتى بدأت فاطمة رغما عنها تبكي ولم تستحي من البكاء الآن وهي تمسك كتاب الله وتقرأ اياته وقرأت سورة الرحمن .....
ارتبكت عيناه كثيرا وهو يضغط على المقود ورغما عنه انصت لقرائتها حتى انتهت وهي تترجى بداخلها أن يكون هذا الرجل قد هدأ قليلا من غضبه ....
لم يتفوه بحرف بل أكمل الطريق بنظرة ساخرة من سذاجتها أن ظنت أن تستطيع التحايل عليه وخداعه بهذه اللافته ، فكيف كانت بحلبة الرقص دون حجابها ؟
أين خوفها من الله وقتها ؟!
وقفت السيارة عند قسم الشرطة ،والسيارة المصفحة وقفت خلفهم ، حتى فعل فهد ما فعله أمام الملهى وجرها للداخل دون أي شفقة ولا رحمة منه بصغر سنها البريء ووجودها وسط هذا الكم الهائل من المجرمين ...
دفعها بغضب داخل المكتب ثم أمر بإحضار المُلقى القبض عليهم حتى اتى بهم العساكر بعد قليل والقوهم بداخل المكتب وكاد مصطفى أن ينكب على وجهه من قوة الدفعة حتى التقفته يد ابنته بلهفة وخوف وقالت له :-
_ ما تخافش يا بابا ربنا مش هيسيبنا
ثم وجهت نظرة للعسكري الذي يقف كالتمثال أمام باب المكتب وهتفت به :-
_ انت كمان اعمى ما بتشوفش ، مش شايف رجله مكسورة
هتف فهد بها :-
_ بت ، اخررررسي خااالص وما اسمعلكيش صوت
التفتت له فاطمة ونكثت عهدها مع نفسها بالهدوء واجابته بنفس حدته :-
_ احنا مش مجرمين عشان تعاملونا كدا ، اظن القانون مش بيديلك الحق تعامل الناس المحترمة كدا
رفع حاجبيه ازدراء وسخرية وهو يقترب منها بشكل خطر وقال :-
_ محترمين !!! ، اتنين مجرمين وبنت ما اتربتش واقفة في كباريه ، ونعمة الاحترام !
أشارت له بسبابتها بعصبية تعجب لها حداد وابوها في أنٍ واحد :-
_ لو ما لمتش لسانك هعمل فيك محضر حتى لو انت ظابط
نظر لها فهد بسخرية جعلتها تشتعل من الغيظ أكثر وقال موجها الحديث لأباها :-
_ هي البت دي طالعة من مستشفى المجانين ولا حاجة !
القى والدها عليها نظرة غاضبة وبادلته هي بتذمر وقالت له :-
_ عشان ضربت ابويا من غير ذنب
اقترب فهد من والدها وأخرج منه قطعة مغلفة من بودرة الهيروين ورفعها أمام ناظريها بنظراته الشرسة وقال :-
_ ده ذنبه ، ومش هتطلعي من هنا غير لما تترجيني اسامحك ، غير كدا انتوا التلاته. هتفضلوا في الحبس
شهقت وفغرت فمها من الذهول وهي ترى ما خرج من جيب والدها ونظرت له بعدم فهم وشعرت بخطر حقيقي احاط بها الآن ومن نظرات ذلك الشيطان الذي يتصرف بعجرفة بسبب منصبه ، فهمت أنها وقعت في ما لا يحمد عقباه.....
نطق مصطفى أخيرا بنبرة تتوسل وعيناه ذابت رجاء ورعب على ابنته :-
_ يا بيه انا مظلوم ، حداد هو اللي حطها في جيبي وهو اللي خرج فاطمة بنتي من جوا بالعافية ...
ابوس ايدك مشيها دي عندها امتحان بعد يومين ، ما عملتش حاجة يا بيه ،دخلني انا للحبس بس مشي بنتي ما تضيعش مستقبلها ...
تألمت فاطمة لنظرات والدها المنكسرة التي كانت تقودها للجنون والغضب من ذلك الفهد الاحمق حتى صرخت باكية :-
_ ما تتحايلش على حد يا بابا احنا مش شغالين عنده ، وانا همشي غصب عنه هو ما جابنيش هنا إلا لما ضربته بالقلم
ابتسم حداد في شماته ولمح ذلك فهد حتى صاح بعسكري الشرطة بالخارج أن يأخذهم من أمام ناظريه واتى العسكري سريعا ليدفعهم للخارج ولكن قبل أن يُخرج فاطمة قال بصياح :-
_ سيبها
استدارت فاطمة بقلق فهي كانت تستمد بعض القوة من وجود والدها فكيف بوجودها بمفردها في هذا المكان المغلق معه !! ، انتفضت برعشة خائفة وتمنت أن يقف لسانها عن الحديث فهي دائما متسرعة هكذا ولم تفكر قبل أن تتحدث...
اغلق فهد الباب بغضب ولكن لشيء آخر غير معلوم قد تملّكه عندما انتبه لحداد وهو يرمق فاطمة بنظرات متفرسة قبل أن يخرج من المكتب لذلك أراد خنقه بيده ولكن بأي سبب ؟!!
التفت لها وقال وهو يشير لقطعة الهيروين المغلفة على المكتب :-
_ انتي عارفة المخدرات دي انا مش هقول أني طلعتها من جيب ابوكي
تفرقت تجاعيد حاجبيها بسبب التقطيبة ولاحت ابتسامة على وجهها بأمل ...قالت وقد بدأ غضبها يتفتت :-
_ بجد ، والله العظيم بابا بريء
قاطعها بنظرة خبيثة وعيناه تسخر من انفعالها الطفولي :-
_ هقول لقيتها معاكي انتي
شهقت من الصدمة وجحظت عيناها وهي ترقبه بذهول حتى تابع وهو يجلس على مقعده خلف المكتب ووضع قدما على قدم :-
_ هوديكي في ستين داهية ما تقلقيش خالص ، وهعرفك انتي ضربتي القلم ده لمين بالضبط
تحدث بطريقة اقنعتها أنه سيفعل ذلك حتما حتى لفت يداها حولها وهي ترتجف وخارت قواها الآن وبدأ لمعات الدموع تنضج بعيناها ولكن اغلقت جفنها لكي لا تضعف
ثم ما لبثت أن قالت وعبراتها تملأ وجهها بعنف :-
_ ربنا ينتقم منك ، حسبي الله ونعم الوكيل
____________________________لا حول ولا قوة إلا بالله
تركتها كريمة الخادمة بعد أن هدأت قليلا ولكن مريم تظاهرت بالنعاس كي تربح الانفراد بنفسها وتخرج كريمة من غرفتها ....
كلما تذكرت ما قرأته تشعر بالغضب الغير مفهوم الذي أثار حفيظتها كلما شعرت به ! ثم انتبهت لصوت الهاتف بجوارها ، اجابت وهي تمسح دموع عيناها بأناملها البيضاء الرقيقة :-
_ ايوة يا رنيم
قلدتها رنيم بمرح ثم تسائلت بفضول :-
_ اكيد بتعيطي بسبب عيد ميلادك كالعادة !! ، كل سنة وانتي طيبة يا مرمورة
هتفت مريم وهي تزيل غطاء الفراش من عليها :-
_ لأ مش عشان كدا
واجهشت في البكاء مجددا مع تعجب رنيم ابنة صديقة ليالي "جميلة" قالت :-
_ معقول في حاجة اكتر من كدا بتعيطي عشانها ! ، دي اكبر مشاكلك دايما يا مريم
ارجعت مريم شعرها خلف اذنها ثم روت لها ما حدث مع آدم ، سألت رنيم بتعجب :-
_ طب وانتي مالك يا مريم ! ، اظن دي حاجة تخصه ، وكمان أنتي ما شوفتيهوش مع واحدة يعني للعياط ده كله ! ...
قررت مريم شيء ثم افصحت عنه لصديقتها منذ الطفولة رنيم بالرغم أن رنيم تكبرها عمرا بكثير :-
_ بقولك إيه انا كنت محتارة ادخل كلية إيه بعد ما اخلص الثانوية العامة بس دلوقتي قررت ...انا هدخل علوم
تلقت صوت رنيم بمكر وقالت :-
_ امممم ، اعتقد عشان تنتقمي من آدم وتمسكي عليه غلطة وكدا ..
عقدت مريم حاجبيها وعجزت فعليا عن الاجابة التي لم تتضح حروفها للآن ..قالت لمجاراه الحديث:-
_ لأ مش أوي كدا ، بس عشان اثبتله أني ممكن اعمل أي حاجة ، وأني مش اقل منه
ضحكت رنيم بصوتٍ عالٍ واوضحت بصدق :-
_ انتي مش مضطرة تثبتيله أي حاجة
تحججت مريم بثقل جفونها وانهت الاتصال مع رنيم الساخرة منها حتى سبح فكرها في قرارها المفاجئ وقالت :-
_ آخر امتحان بعد يومين وأن شاء الله اخلص المادة دي على خير زي اللي قبلها ..
بعد مضي ساعة كانت غطت في ثباتٍ عميق نال من فكرها واغفاه حتى شعرت بشيء ناعم يمر على بشرة وجهها برفق ، اعلنت جفونها الشروق وهي تفتحها رويدا ثم نهضت سريعا وارتمت بين ذراعي والدها ...قالت بابتسامة ملومة :-
_ وحشتني اوووي يا بابا
ربت عمر على كتف مدللته الصغيرة بحنان فائق ثم ضمها بقوة وقال :-
_ وانتي اكتر يا حبيبة بابا ، انا عرفت اللي حصل من ماما
ابتعدت مريم بتوجس وقلق وشعرت بالخجل من معرفة والدها ما حدث مع آدم حتى ساوى عمر اشعاث شعرها بيده وقال :-
_ ماما قالتلي أنك عيطتي عشان عيد الميلاد
تنهدت مريم براحة فهو لم يلمح لآدم إذن لم يصله ما حدث ، قالت بضيق :-
_ خلاص اتعودت على كدا ، اعيط شوية في اليوم ده واليوم يعدي
رفع عمر وجهها بيده كي تنظر له بعيناها التي تشبه عيناه كثيرا وقال بابتسامة حانية برزت وجهه الذي اصبح أكثر نضجا وخالط شعره بعض الشيب ...رد بلطف وهو يشير للدمية ذات الفرو الناعم الذي ابتاعها خصيصا لها .. :-
_ محدش ناسيكي يا حبيبتي ، بس اليوم ده ماحدش بيحب يفتكره ، بس بابا بقى حاجة تانية
أخذت الدمية وضمتها بابتسامة ثم نهض عمر وفتح الصندوق الكرتوني الكبير وأخرج منه رداء جميل محتشم ،قال بحماس :-
_ جبتلك الفستان ده ، البسيه عشان هنطلع نتفسح بس مش هنتأخر عشان وراكي امتحان ولازم تنامي بدري
اتسعت عيناها ثم صاحت بضحكة عالية وهي ترى الرداء وكادت أن تتعثر بعد أن نهضت واتجهت لوالدها حتى كانت يده يد العون التي لحقتها من السقوط ....جذبها اليه بألم من عجز قدمها وتظاهر بالمرح كي لا تتألم هي أكثر ....
هتف بحماس ومرح :-
_ هستناكي برا ، بسرعة قبل ما امك تشوفنا وتقبض علينا
وضعت يدها على فمها تكتم ضحكتها ثم ضمت الرداء بسعادة ...
خرج عمر من غرفة ابنته وذهب لغرفته ليجد ليالي تنتظره بلهفة ...تساءلت :-
_ صالحتها ؟ ، هي بتحبك انت اللي تصالحها
قبل رأس زوجته الحبيبة بنظرة عميقة وقال بهدوء :-
_ متخافيش صالحتها وهطل
تعليقات
إرسال تعليق