وحوش لا تعشق الجزء الخامس
الحلقة الخامسة ...وحوش لا تعشق
الفصل طوووويل ماكنش ينفع انزله مرة واحدة لانه مش هيفتح مع ناس كتير ، عشان كدا قسمته جزئين ، استنوا الجزء الثاني من الحلقة بعد ساعة
سمعت صوت يقول :-
_ لأ اختاري الطوب الكبير عشان تفتحي نفوخه على طول وتخلصي من خلقته ..
هتفت بتاكيد :-
_ صححححححح
ثم نظرت له بذهول واتسعت عيناها بصدمة 😨
ابتعدت عنه ببطء وهي تنتفض ولم تدرك انها تقترب من حافة سطوح المدرسة الخاوية من أسوار آمان ...
لمعت عيناه بنظرات غاصبة تهددها حتى لمح موضع قدميها ليتبدل وجهه للنقيض واعترفت عيناه بالخوف وتحركت يداه لا إراديا و جذبها من معصم يدها عندما كادت أن تسقط بظهرها للفراغ ، فرغ جسدها من أي قوة عندما شعرت انها على وشك الموت ويد القسوة اصبحت الآن يد النجاة ..
انتفض جسدها بقوة ورعشة اجتاحت اوصالها حتى تشبثت بأطراف معطفه وهي تشهق من البكاء وترتجف من الخوف والذعر ...
صغيرة على مقربةٍ منه وترتجف من البكاء هكذا وتتشبث به كأنه أباها فأين قسوته الآن ! أو بالأصح ....أين قلبه ؟
بلع ريقه بقوة عندما تخيل إذ لم تجذبها يداه فالى أين كانت ستذهب الأمور ؟ ....أراد حقا بشيء كالاعصار داخله أن يضمها بكل غضبه ولكن توقفت يداه حتى قالت فاطمة وهي تبكي بشدة :-
_ كن..كنت ..هموت
اجهشت في البكاء مرة أخرى واجهش معها غضبه الذي تفتت في بحر دموعها ،وطاف طريق جديد شع ببعض الضياء في قلبه ولكن لم يفهمه إلى الآن وضغط على اسنانه بقوة عندما قالت هذه الكلمات البسيطة الباكية ....
أمطرت السماء من جديد ولكن بشكل اكثر حدة حتى اختلطت مع دموعها على وجنتيها وزاد ارتجافها أكثر وهي تبتعد بخجل ، ارتبكت عيناه وهو يراها هكذا حتى خلع معطفه وكاد أن يضعه على كتفيها حتى ابتعدت عنه وقالت بتوتر :-
_ ما تقربليش
عقد حاجبيه بغضب وهتف :-
_ البسي ده
اطرفت بحيرة ثم مدت يدها واخذته ببطء حتى تضعه على كتفيها ، قال هو بتهديد :-
_ودلوقتي .. أمشي معايا من غير كلام
اتسعت عيناها بذهول فأين هذا الرجل الذي كانت عيناه مذعورة عليها منذ قليل؟! ....خلعت معطفه حتى القته في وجهه ثم اقتربت منه ببطء وتسمرت عيناه عليها بغموض حتى دفعته بكل قوتها فجأة ليسقط في صندوق حديدي قد امتلأ من مياه الامطار ليغرق جسد فهد به ......
ركضت للأسفل سريعا حتى خرجت من المدرسة في لمحة بصر ، اصابته الصدمة فيما فعلته فهذه ليست صغيرة هذه شرسة بثياب الطفولة ....خرج من المياه وشعر بالحيرة كيف سيظهر هكذا أمام الناس حتى ركل حجارة بقدمه بشكل عنيف وتملكه الغضب بطريقة أشرس من ذي قبل ..
وتوعد :-
_ بقى فهد الشريف حتت بت صغيرة تعمل فيه كدا !
مش هتبقى آخر مرة أشوفك فيها يا فاطمة ...هجيبك
ضاقت عيناه بشكل غاضب وحقا غضب لهروبها منه مجددا وهو الآن لا يعرف عنها شيء ولا إلى أين ستذهب !؟
اقترب من حافة السور حتى لمحها وهي تركض بين السيارات ، نظرت للخلف وكأنها شعرت بنظراته تخترقها ، أرسل لها نظرة غاضبة يختلجها شيء غريب ولم ترى هي وجهه بتركيز لبُعد المسافة ولكن الغضب كان يبدو من وقفته ونظرته المصوبه بإتجاهها حتى ابتعدت عن ناظريه
_______________________استغفرك ربي وأتوب إليك
انتظر عمر في مكتب مديرة المدرسة الخاصة الذي تدرس بها مريم حتى اتت هي بابتسامة واسعة تعلن عن انهائها الامتحان بشكل جيد واستقبلتها يداه بضمة قوية ومرح ثم قال :-
_ تعالي بقى افسحك شوية قبل ما نرجع البيت ، كدا امتحاناتك خلصت الحمد لله ومافيش مذاكرة قبل الجامعة ..
وافقت مريم بسعادة وضحكة طفولية حتى جلست بسيارة والدها وأمر عمر السائق أن يذهب لأحد الأماكن ....
بعد مرور بعض الوقت
خرجت مريم ووالدها عمر من احد الاماكن الترفيهية وبين يدها علبة من الايس كريم ..قال بضحكة :-
_ الناس فاكرينك خطيبي يابابا 😂
علت ضحكته ثم قال بثقة :-
_ وانتي فكراني كبرت يابنت ولا إيه ، انا حاليا بدور على عروسة
شهقت مريم ثم قهقهت من الضحك أكثر وقالت بتوعد :-
_ والله لقول للاااالي
عبس وجه عمر وقال وهو يتظاهر الخوف والذعر :-
_ خلاص معلش بقى ،كلمة وعدت ، اعتبريني ابوكي واستري عليا 😂
رفضت مريم وهي تغيظه وتاكل الايس كريم ....
نظر لابنته بمحبة فائقة ولضحكتها الطفولية الجميلة وقال :-
_ عايز اتكلم معاكي يا مريم شوية قبل ما نرجع البيت
القت مريم العلبة الفارغة من يدها في سلة المهملات ثم أشارت له بالجلوس على احد طاولات الكافية المجاور لهم حتى جلسوا بعد دقائق ...بدأ عمر الحديث :-
_ كلها أيام ويبقى ليكي أسرتك الخاصة بيكي ، المفروض ماما اللي تقولك كدا بس احنا مش اب وبنته احنا صحاب كمان ...
ضمت مريم يد اباها وقالت بابتسامة :-
_ طبعا يا عموري ، قول اللي انت عايزه كله
ابتسم عمر بحنان وهو يربت على يداها وتابع :-
_ انا وافقت على آدم لأني عارف أنه هيصونك وهيحافظ عليكي ، لكن لازم اوضحلك شوية حاجات لو عرفتي تعديهم يبقى أنتي كدا هتعيشي في سعادة وهنا ..
انصتت مريم ولم تقاطعه ، أضاف عمر :-
_ آدم عنده أزمة نفسية كبيرة من ساعة ما عرف موضوع نسبه ، الأزمة دي مش سهلة بدليل أنه مش عارف يخرج لحد دلوقتي من الدوامة اللي دخلها لأنه كان طفل لما عرف ، انا ماكنتش عايز اقوله غير لما يكبر شوية كمان ويبدأ يستوعب بعقل اكبر كل اللي حصل زمان ...بس نصيبه أنه يعرف يومها .......
عايزك تصبري عليه ، لو لقيتيه بعيد ما تزعليش هو مش قصده بس نفسه يطلع من التوهة دي ومش عارف ، خليكي انتي الايد اللي تنقذه من اللي هو فيه ...
أطرفت مريم عيناها ولم تفهم حديث والدها بنسبة كبيرة ثم قالت بتساءل :-
_ طب يا بابا انتوا كلكم حاولتوا معاه ، تفتكر انا بضعفي ده هقدر انقذه ...
اعتراض عمر على حديث ابنته ونفى :-
_ مين اللي قال انك ضعيفة ، بالعكس ، انتي الوحيدة يا مريم اللي تقدري تخرجي آدم من اللي هو فيه ...
عقدت حاجبيها بفضول :-
_ ليه ؟ ، اشمعنى انا
ابتسم عمر في مكر وقال :-
_ ليه بتسألي ليه ! ، مش مكفيكي انه طفش أنس وكان ممكن يضربه كمان ...
تذكرت مريم أن آدم بالفعل فعل ذلك ثم ابتسمت بخجل وهي تنظر للاسفل ....
ربت عمر بحنان على رأس ابنته المحجب ثم قال :-
_ هتفهمي كل حاجة في آونها ، التجارب اللي بتفهم مش الكلام بس ، وكل اللي بطلبه منك تصبري عليه
تابع ببسمة عاشقة وهو يتذكر ليالي :-
_ انا وامك شوفنا الويل في حياتنا واتعذبنا كتير أووووي ، انتي ما تقدريش تستحملي ربع اللي استحملته هي ، صبرت عليا كتيرررر وانا اللي كنت غلط وهي بردو كانت غلط في حاجات ، بس لما رجعت مصر وبدأنا نرمي اي خلاف ممكن يبعدنا عن بعض وصلنا لطريق اننا ما بقيناش نختلف اصلا ...هو ده سر الحياة الزوجية الناجحة ....
الخلاف يعني نقاش مش بُعد .. يعني تسمعيه ويسمعك وماتخبيش عنه حاجة ....واوعي تدخلي حد ما بينكوا حتى لو انا أو ماما واحنا مش هندخل في أي حاجة دي حياتكوا وانتوا حرين فيها ....
بقلم رحاب إبراهيم
هزت مريم رأسها بتفهم ووضع النادل المشروبات ثم ذهب
احتارت كيف تخبر اباها قرارها ..قالت فجأة :-
_ انا عايزة ادخل كلية العلوم يابابا بس مش عايزة آدم يعرف غير بعد ما اقدم ..مفاجآة وكدا
وضع عمر فنجان قهوته ونظر لها بخبث ثم قال :-
_تمام ، بس النتيجة تطلع بخير الاول وهعملك اللي انتي عايزاه..
_______________________صلّ على الحبيب 😍
في النادي الرياضي ...
لمح مالك تلك الفتاة التي كانت ترمقه بعدائية وشعر بالفضول ليعرف السبب فهو مستجد هنا ! ، أو من الممكن أنها تشابه عليه ! ....
كانت ترتدي حجابها الابيض على رداء التنس المحتشم حتى انتظر هو لانهاء جولتها وأشار لها بتحدي لبدء جولة معه ....رمقته بغيظ واستفزتها نظرته الواثقة حتى قالت بخفوت :-
_ بس كدااااا ، ااااوك
بدأت الجولة بشكل هجومي غير مبرر منها حتى انتبه مالك لذلك وكان يخفي بسمته فهي لم تعرف بعد أنه من أحد ابطال هذه اللعبة ...
تركها تفوز في أول الخطوات حتى شن هجومه عليها حتى جعلها تلهث وهي ترمي كراتها الصغيرة ..
بدأ الجميع يحتشدون ليروا هذا الفريق الذي وكأنهم في معركة حتى انتهت الجولة بفوز مالك واحمرت عيناها من الغضب ثم ذهبت إلى تدريبها الرياضي بشكل غاضب ...
تركها تمر من امامه وهو يكتم ضحكته المرحة ورغم عنادها وتحديها الغريب له ولكن اعجبته كثيرا ..
______________________________ أذكروا الله
ترك عمر مريم بالسيارة وذهب مع السائق مرة أخرى لداخل المول لياتوا ببعض المشتريات الكثيرة التي اختارتها مريم بعد اصرار والدها بذلك ...
نظرت من النافذة ورأت سيدة تسأل المأرة المساعدة ، عطفت مريم عليها ثم فتحت باب السيارة لتترجل منها وقد أخذت من حقيبتها بعض النقود لتعطيها لها ، واثناء ذلك مر متسكع بوجهه المخيف وبدأ ينظر لمريم بنظرات جريئة وبدأ يقترب منها للمضايقة ، التفتت مريم بعد أن اعطت السيدة النقود ونزرت له باستحقار حتى اعترض طريقها بقوة ...لم تستطع الركض فبدأت تعنفه ولكن الآخر كانت نظراته مخيفة ...
قبل أن يبدأ بالتحرش كانت حقيبة بالية تضم وجهه حتى سقط على ظهره متأوها....قالت الفتاة صاحبة الحقيبة لمريم بلطف :-
_ انتي كويسة ؟
مسحت مريم عيناها التي بدأت في البكاء واجابت بأمتنان للفتاة الذي ترتدي الزي المدرسي :-
_ الحمد لله ،متشكرة أوي ، انا كنت خايفة منه أووي
ثم اتسعت عين مريم وهي تراه يقف من جديد وبدا يقترب لفاطمة حتى يثأر ...صاحت مريم وهي تحذر فاطمة حتى تلقف اللكمة الأخرى بالحقيبة ثم بدأت فاطمة تلكمه بيدها وتضربه بطريقة شرسة جعلته يلهث ....
عادت فاطمة بنظرة منتصرة إلى مريم التي كانت تنظر لها وهي لا تصدق أن هذه الشراسة تكمن في جسد فاطمة الصغير ...قالت مريم :-
_ برافوا عليكي ،انتي اسمك ايه ؟
عدلت فاطمة من هندامها بثقة وقالت :-
_ فاطمة ، وماتستغربيش ، انا لسه ضاربة ضابط من شوية هع 😎
ابتسمت مريم رغما عنها وقالت وقد دخلت هذه الفتاة إلى قلبها :-
_ ميرسي يا فاطمة بجد ، مش عارفة اقولك إيه
اتى عمر راكضا من الداخل عندما أخبره أحد بعراك فتاة عرجاء بالخارج مع أحد المتحرشين ، ركض كالمجنون إلى ابنته حتى وصل امامها وحاوط وجهها بكفيه ثم قال :-
_ مين اللي زعلك يا حبيبتي ، قوليلي يا مريم
نفت مريم بابتسامة رقيقة وأشارت لفاطمة ثم قالت :-
_ واحد متحرش بس ما تخافش يابابا ، فاطمة دافعت عني وفضلت تضربه لحد ما كان هيموت في ايدها وجري ..
نظر عمر بإمتنان وشكر إلى فاطمة وقال :-
_ متشكر أوي يا فاطمة ، اطلبي اللي انتي عايزاه مني
قالها متسرعا حتى اخفضت فاطمة عيناها بلمعة دموع ثم قالت له :-
_ شكرا يا بيه ، انا مش عايزة حاجة ومادافعتش عنها عشان كدا ...
نظرت مريم بألم إلى فاطمة وقالت معتذرة :-
_ بابا ما يقصدش يا فاطمة انا اسفة
باغتها عمر بإعتذار وأسف :-
_ يابنتي والله ما اقصد ، بس ماحستش أن الشكر وحده كفاية على اللي عملتيه مع بنتي ...
مسحت فاطمة عيناها وقالت وهي تهم بالذهاب :-
_ خلي بالك من مريم وما تسيبهاش تاني لوحدها
ذهبت فاطمة ونظراتهم تتبعها وشعر عمر بالضيق لاحراجها فهو لم يقصد ذلك وتحدث بعفوية ...ثم التفت إلى ابنته بأسف وقال وهو يضمها :-
_ انا اسف يا مريم ، مش هسيبك دقيقة واحدة بعد كدا في مكان غريب ..اسف يا حبيبتي سامحيني
ابتسمت مريم لها بتفهم ثم نظرت لفاطمة وهي تسير بين السيارات وتمسح وجهها بين الحين والأخر ...دعت لربها أن تراها مجددا ....
_____________________________استغفر الله العظيم
توجهت فاطمة إلى بيتها مباشرةً حتى دلفت للحجرة البسيطة على سطوح العمارة القديمة ووضعت حقيبتها بضيق وجلست على مقعد مسنود ببعض قوالب الطوب الاحمر ...لمحتها الام واقتربت منها بتساءل :-
_ مالك يا بطة ؟
هزت فاطمة رأسها ثم نهضت لتبدل ملابسها حتى وقفت وهي تبحث حولها عن والدها :-
_ هو ابويا فين ؟
اجابتها الام وهي تعود لاعداد الطعام :-
_ راح يشوف أي شغلانة هنا ولا هنا ، احنا مش معانا حتى فلوس السفر للبلد ..
اعترضت فاطمة بقوة :-
_ مش عايزة اسافر الصعيد ، انا عايزة افضل هنا ، انا خرجت من الامتحان وقعدت الف على المحلات لحد ما لقيت محل هدوم حريمي في مول واتفقت اروح من بكرا
نظرت الام لابنتها بألم ثم تساءلت :-
_ طب وهما رضيوا يشغلوكي كدا على طول ؟
تنهدت فاطمة بضيق وقالت :-
_ الست صاحبة
الفصل طوووويل ماكنش ينفع انزله مرة واحدة لانه مش هيفتح مع ناس كتير ، عشان كدا قسمته جزئين ، استنوا الجزء الثاني من الحلقة بعد ساعة
سمعت صوت يقول :-
_ لأ اختاري الطوب الكبير عشان تفتحي نفوخه على طول وتخلصي من خلقته ..
هتفت بتاكيد :-
_ صححححححح
ثم نظرت له بذهول واتسعت عيناها بصدمة 😨
ابتعدت عنه ببطء وهي تنتفض ولم تدرك انها تقترب من حافة سطوح المدرسة الخاوية من أسوار آمان ...
لمعت عيناه بنظرات غاصبة تهددها حتى لمح موضع قدميها ليتبدل وجهه للنقيض واعترفت عيناه بالخوف وتحركت يداه لا إراديا و جذبها من معصم يدها عندما كادت أن تسقط بظهرها للفراغ ، فرغ جسدها من أي قوة عندما شعرت انها على وشك الموت ويد القسوة اصبحت الآن يد النجاة ..
انتفض جسدها بقوة ورعشة اجتاحت اوصالها حتى تشبثت بأطراف معطفه وهي تشهق من البكاء وترتجف من الخوف والذعر ...
صغيرة على مقربةٍ منه وترتجف من البكاء هكذا وتتشبث به كأنه أباها فأين قسوته الآن ! أو بالأصح ....أين قلبه ؟
بلع ريقه بقوة عندما تخيل إذ لم تجذبها يداه فالى أين كانت ستذهب الأمور ؟ ....أراد حقا بشيء كالاعصار داخله أن يضمها بكل غضبه ولكن توقفت يداه حتى قالت فاطمة وهي تبكي بشدة :-
_ كن..كنت ..هموت
اجهشت في البكاء مرة أخرى واجهش معها غضبه الذي تفتت في بحر دموعها ،وطاف طريق جديد شع ببعض الضياء في قلبه ولكن لم يفهمه إلى الآن وضغط على اسنانه بقوة عندما قالت هذه الكلمات البسيطة الباكية ....
أمطرت السماء من جديد ولكن بشكل اكثر حدة حتى اختلطت مع دموعها على وجنتيها وزاد ارتجافها أكثر وهي تبتعد بخجل ، ارتبكت عيناه وهو يراها هكذا حتى خلع معطفه وكاد أن يضعه على كتفيها حتى ابتعدت عنه وقالت بتوتر :-
_ ما تقربليش
عقد حاجبيه بغضب وهتف :-
_ البسي ده
اطرفت بحيرة ثم مدت يدها واخذته ببطء حتى تضعه على كتفيها ، قال هو بتهديد :-
_ودلوقتي .. أمشي معايا من غير كلام
اتسعت عيناها بذهول فأين هذا الرجل الذي كانت عيناه مذعورة عليها منذ قليل؟! ....خلعت معطفه حتى القته في وجهه ثم اقتربت منه ببطء وتسمرت عيناه عليها بغموض حتى دفعته بكل قوتها فجأة ليسقط في صندوق حديدي قد امتلأ من مياه الامطار ليغرق جسد فهد به ......
ركضت للأسفل سريعا حتى خرجت من المدرسة في لمحة بصر ، اصابته الصدمة فيما فعلته فهذه ليست صغيرة هذه شرسة بثياب الطفولة ....خرج من المياه وشعر بالحيرة كيف سيظهر هكذا أمام الناس حتى ركل حجارة بقدمه بشكل عنيف وتملكه الغضب بطريقة أشرس من ذي قبل ..
وتوعد :-
_ بقى فهد الشريف حتت بت صغيرة تعمل فيه كدا !
مش هتبقى آخر مرة أشوفك فيها يا فاطمة ...هجيبك
ضاقت عيناه بشكل غاضب وحقا غضب لهروبها منه مجددا وهو الآن لا يعرف عنها شيء ولا إلى أين ستذهب !؟
اقترب من حافة السور حتى لمحها وهي تركض بين السيارات ، نظرت للخلف وكأنها شعرت بنظراته تخترقها ، أرسل لها نظرة غاضبة يختلجها شيء غريب ولم ترى هي وجهه بتركيز لبُعد المسافة ولكن الغضب كان يبدو من وقفته ونظرته المصوبه بإتجاهها حتى ابتعدت عن ناظريه
_______________________استغفرك ربي وأتوب إليك
انتظر عمر في مكتب مديرة المدرسة الخاصة الذي تدرس بها مريم حتى اتت هي بابتسامة واسعة تعلن عن انهائها الامتحان بشكل جيد واستقبلتها يداه بضمة قوية ومرح ثم قال :-
_ تعالي بقى افسحك شوية قبل ما نرجع البيت ، كدا امتحاناتك خلصت الحمد لله ومافيش مذاكرة قبل الجامعة ..
وافقت مريم بسعادة وضحكة طفولية حتى جلست بسيارة والدها وأمر عمر السائق أن يذهب لأحد الأماكن ....
بعد مرور بعض الوقت
خرجت مريم ووالدها عمر من احد الاماكن الترفيهية وبين يدها علبة من الايس كريم ..قال بضحكة :-
_ الناس فاكرينك خطيبي يابابا 😂
علت ضحكته ثم قال بثقة :-
_ وانتي فكراني كبرت يابنت ولا إيه ، انا حاليا بدور على عروسة
شهقت مريم ثم قهقهت من الضحك أكثر وقالت بتوعد :-
_ والله لقول للاااالي
عبس وجه عمر وقال وهو يتظاهر الخوف والذعر :-
_ خلاص معلش بقى ،كلمة وعدت ، اعتبريني ابوكي واستري عليا 😂
رفضت مريم وهي تغيظه وتاكل الايس كريم ....
نظر لابنته بمحبة فائقة ولضحكتها الطفولية الجميلة وقال :-
_ عايز اتكلم معاكي يا مريم شوية قبل ما نرجع البيت
القت مريم العلبة الفارغة من يدها في سلة المهملات ثم أشارت له بالجلوس على احد طاولات الكافية المجاور لهم حتى جلسوا بعد دقائق ...بدأ عمر الحديث :-
_ كلها أيام ويبقى ليكي أسرتك الخاصة بيكي ، المفروض ماما اللي تقولك كدا بس احنا مش اب وبنته احنا صحاب كمان ...
ضمت مريم يد اباها وقالت بابتسامة :-
_ طبعا يا عموري ، قول اللي انت عايزه كله
ابتسم عمر بحنان وهو يربت على يداها وتابع :-
_ انا وافقت على آدم لأني عارف أنه هيصونك وهيحافظ عليكي ، لكن لازم اوضحلك شوية حاجات لو عرفتي تعديهم يبقى أنتي كدا هتعيشي في سعادة وهنا ..
انصتت مريم ولم تقاطعه ، أضاف عمر :-
_ آدم عنده أزمة نفسية كبيرة من ساعة ما عرف موضوع نسبه ، الأزمة دي مش سهلة بدليل أنه مش عارف يخرج لحد دلوقتي من الدوامة اللي دخلها لأنه كان طفل لما عرف ، انا ماكنتش عايز اقوله غير لما يكبر شوية كمان ويبدأ يستوعب بعقل اكبر كل اللي حصل زمان ...بس نصيبه أنه يعرف يومها .......
عايزك تصبري عليه ، لو لقيتيه بعيد ما تزعليش هو مش قصده بس نفسه يطلع من التوهة دي ومش عارف ، خليكي انتي الايد اللي تنقذه من اللي هو فيه ...
أطرفت مريم عيناها ولم تفهم حديث والدها بنسبة كبيرة ثم قالت بتساءل :-
_ طب يا بابا انتوا كلكم حاولتوا معاه ، تفتكر انا بضعفي ده هقدر انقذه ...
اعتراض عمر على حديث ابنته ونفى :-
_ مين اللي قال انك ضعيفة ، بالعكس ، انتي الوحيدة يا مريم اللي تقدري تخرجي آدم من اللي هو فيه ...
عقدت حاجبيها بفضول :-
_ ليه ؟ ، اشمعنى انا
ابتسم عمر في مكر وقال :-
_ ليه بتسألي ليه ! ، مش مكفيكي انه طفش أنس وكان ممكن يضربه كمان ...
تذكرت مريم أن آدم بالفعل فعل ذلك ثم ابتسمت بخجل وهي تنظر للاسفل ....
ربت عمر بحنان على رأس ابنته المحجب ثم قال :-
_ هتفهمي كل حاجة في آونها ، التجارب اللي بتفهم مش الكلام بس ، وكل اللي بطلبه منك تصبري عليه
تابع ببسمة عاشقة وهو يتذكر ليالي :-
_ انا وامك شوفنا الويل في حياتنا واتعذبنا كتير أووووي ، انتي ما تقدريش تستحملي ربع اللي استحملته هي ، صبرت عليا كتيرررر وانا اللي كنت غلط وهي بردو كانت غلط في حاجات ، بس لما رجعت مصر وبدأنا نرمي اي خلاف ممكن يبعدنا عن بعض وصلنا لطريق اننا ما بقيناش نختلف اصلا ...هو ده سر الحياة الزوجية الناجحة ....
الخلاف يعني نقاش مش بُعد .. يعني تسمعيه ويسمعك وماتخبيش عنه حاجة ....واوعي تدخلي حد ما بينكوا حتى لو انا أو ماما واحنا مش هندخل في أي حاجة دي حياتكوا وانتوا حرين فيها ....
بقلم رحاب إبراهيم
هزت مريم رأسها بتفهم ووضع النادل المشروبات ثم ذهب
احتارت كيف تخبر اباها قرارها ..قالت فجأة :-
_ انا عايزة ادخل كلية العلوم يابابا بس مش عايزة آدم يعرف غير بعد ما اقدم ..مفاجآة وكدا
وضع عمر فنجان قهوته ونظر لها بخبث ثم قال :-
_تمام ، بس النتيجة تطلع بخير الاول وهعملك اللي انتي عايزاه..
_______________________صلّ على الحبيب 😍
في النادي الرياضي ...
لمح مالك تلك الفتاة التي كانت ترمقه بعدائية وشعر بالفضول ليعرف السبب فهو مستجد هنا ! ، أو من الممكن أنها تشابه عليه ! ....
كانت ترتدي حجابها الابيض على رداء التنس المحتشم حتى انتظر هو لانهاء جولتها وأشار لها بتحدي لبدء جولة معه ....رمقته بغيظ واستفزتها نظرته الواثقة حتى قالت بخفوت :-
_ بس كدااااا ، ااااوك
بدأت الجولة بشكل هجومي غير مبرر منها حتى انتبه مالك لذلك وكان يخفي بسمته فهي لم تعرف بعد أنه من أحد ابطال هذه اللعبة ...
تركها تفوز في أول الخطوات حتى شن هجومه عليها حتى جعلها تلهث وهي ترمي كراتها الصغيرة ..
بدأ الجميع يحتشدون ليروا هذا الفريق الذي وكأنهم في معركة حتى انتهت الجولة بفوز مالك واحمرت عيناها من الغضب ثم ذهبت إلى تدريبها الرياضي بشكل غاضب ...
تركها تمر من امامه وهو يكتم ضحكته المرحة ورغم عنادها وتحديها الغريب له ولكن اعجبته كثيرا ..
______________________________ أذكروا الله
ترك عمر مريم بالسيارة وذهب مع السائق مرة أخرى لداخل المول لياتوا ببعض المشتريات الكثيرة التي اختارتها مريم بعد اصرار والدها بذلك ...
نظرت من النافذة ورأت سيدة تسأل المأرة المساعدة ، عطفت مريم عليها ثم فتحت باب السيارة لتترجل منها وقد أخذت من حقيبتها بعض النقود لتعطيها لها ، واثناء ذلك مر متسكع بوجهه المخيف وبدأ ينظر لمريم بنظرات جريئة وبدأ يقترب منها للمضايقة ، التفتت مريم بعد أن اعطت السيدة النقود ونزرت له باستحقار حتى اعترض طريقها بقوة ...لم تستطع الركض فبدأت تعنفه ولكن الآخر كانت نظراته مخيفة ...
قبل أن يبدأ بالتحرش كانت حقيبة بالية تضم وجهه حتى سقط على ظهره متأوها....قالت الفتاة صاحبة الحقيبة لمريم بلطف :-
_ انتي كويسة ؟
مسحت مريم عيناها التي بدأت في البكاء واجابت بأمتنان للفتاة الذي ترتدي الزي المدرسي :-
_ الحمد لله ،متشكرة أوي ، انا كنت خايفة منه أووي
ثم اتسعت عين مريم وهي تراه يقف من جديد وبدا يقترب لفاطمة حتى يثأر ...صاحت مريم وهي تحذر فاطمة حتى تلقف اللكمة الأخرى بالحقيبة ثم بدأت فاطمة تلكمه بيدها وتضربه بطريقة شرسة جعلته يلهث ....
عادت فاطمة بنظرة منتصرة إلى مريم التي كانت تنظر لها وهي لا تصدق أن هذه الشراسة تكمن في جسد فاطمة الصغير ...قالت مريم :-
_ برافوا عليكي ،انتي اسمك ايه ؟
عدلت فاطمة من هندامها بثقة وقالت :-
_ فاطمة ، وماتستغربيش ، انا لسه ضاربة ضابط من شوية هع 😎
ابتسمت مريم رغما عنها وقالت وقد دخلت هذه الفتاة إلى قلبها :-
_ ميرسي يا فاطمة بجد ، مش عارفة اقولك إيه
اتى عمر راكضا من الداخل عندما أخبره أحد بعراك فتاة عرجاء بالخارج مع أحد المتحرشين ، ركض كالمجنون إلى ابنته حتى وصل امامها وحاوط وجهها بكفيه ثم قال :-
_ مين اللي زعلك يا حبيبتي ، قوليلي يا مريم
نفت مريم بابتسامة رقيقة وأشارت لفاطمة ثم قالت :-
_ واحد متحرش بس ما تخافش يابابا ، فاطمة دافعت عني وفضلت تضربه لحد ما كان هيموت في ايدها وجري ..
نظر عمر بإمتنان وشكر إلى فاطمة وقال :-
_ متشكر أوي يا فاطمة ، اطلبي اللي انتي عايزاه مني
قالها متسرعا حتى اخفضت فاطمة عيناها بلمعة دموع ثم قالت له :-
_ شكرا يا بيه ، انا مش عايزة حاجة ومادافعتش عنها عشان كدا ...
نظرت مريم بألم إلى فاطمة وقالت معتذرة :-
_ بابا ما يقصدش يا فاطمة انا اسفة
باغتها عمر بإعتذار وأسف :-
_ يابنتي والله ما اقصد ، بس ماحستش أن الشكر وحده كفاية على اللي عملتيه مع بنتي ...
مسحت فاطمة عيناها وقالت وهي تهم بالذهاب :-
_ خلي بالك من مريم وما تسيبهاش تاني لوحدها
ذهبت فاطمة ونظراتهم تتبعها وشعر عمر بالضيق لاحراجها فهو لم يقصد ذلك وتحدث بعفوية ...ثم التفت إلى ابنته بأسف وقال وهو يضمها :-
_ انا اسف يا مريم ، مش هسيبك دقيقة واحدة بعد كدا في مكان غريب ..اسف يا حبيبتي سامحيني
ابتسمت مريم لها بتفهم ثم نظرت لفاطمة وهي تسير بين السيارات وتمسح وجهها بين الحين والأخر ...دعت لربها أن تراها مجددا ....
_____________________________استغفر الله العظيم
توجهت فاطمة إلى بيتها مباشرةً حتى دلفت للحجرة البسيطة على سطوح العمارة القديمة ووضعت حقيبتها بضيق وجلست على مقعد مسنود ببعض قوالب الطوب الاحمر ...لمحتها الام واقتربت منها بتساءل :-
_ مالك يا بطة ؟
هزت فاطمة رأسها ثم نهضت لتبدل ملابسها حتى وقفت وهي تبحث حولها عن والدها :-
_ هو ابويا فين ؟
اجابتها الام وهي تعود لاعداد الطعام :-
_ راح يشوف أي شغلانة هنا ولا هنا ، احنا مش معانا حتى فلوس السفر للبلد ..
اعترضت فاطمة بقوة :-
_ مش عايزة اسافر الصعيد ، انا عايزة افضل هنا ، انا خرجت من الامتحان وقعدت الف على المحلات لحد ما لقيت محل هدوم حريمي في مول واتفقت اروح من بكرا
نظرت الام لابنتها بألم ثم تساءلت :-
_ طب وهما رضيوا يشغلوكي كدا على طول ؟
تنهدت فاطمة بضيق وقالت :-
_ الست صاحبة
تعليقات
إرسال تعليق